حليب الإبل.. إكسير الصحراء الشافي

by Sana Al Hadethee

يعُرف في كثير من الحضارات ومنذ الآف السنين عن حليب الإبل “الناقة” بأنه شافي العلل. وفي الشرق الأوسط، مازالت بعض عوائل البدو التي استقرت في المدن تحرص على إرسال اطفالها للبر لمدة أسبوعين لشرب حليب الناقة الطازج لما فيه من مكونات شفائية لها قدرات مذهلة على محاربة الأمراض وبناء جهاز المناعة. كما ساد مؤخرا اعتقاد بان تناول حليب الإبل بشكل منتظم، ربما يساعد على السيطرة والحد من مرض السكري.

والحقيقة، يكمن الكثير من الصحة في هذا الاعتقاد، لان بنية الجمل تختلف عن بنية جميع الثدييات الاخرى. حيث يمكن للجمل التحمل دون ماء مدة تتجاوز 30 يوما اواكثر، كما يمكنه ايضا، الصمود في بئية قاسية جدا ومع ذلك لديه القدرة على انتاج أغنى انواع الحليب في القيمة الغذائية والقدرة على الشفاء والسبب يعود الى قوة ومتانة جهاز مناعته. ومن المعتاد ان يعتاش البدو الرحل على حليب الناقة وحده مدة من الزمن قد تصل لأشهر لأنة يعد غذاءا مثاليا كاملا. فهو يتفوق على حليب البقر بمعدل 5 مرات اكثر من فيتامين C و10 مرات حديد وكالسيوم. ولاتتجاوز نسبة الدهون فيه اكثر من 2 بالمئة بتركيبة خاصة تجعلها تلتصق بالبروتين فلا تشكل اي ضغوط إضافية على الكبد. كما ان نسبة زيوت الأوميغا 3 فيه تفوق نسبة زيوت أوميغا 6 مقارنة مع حليب الأبقار. وقد اثار علاج حليب الإبل للعديد من الأمراض المزمنة وخاصة مرض التوحد ASD ضجة عالمية في السنوات الاخيرة، جعلته يعامل معاملة الدواء الثمين وليس معاملة الطعام. لذلك صار يصفه الأطباء في أماكن عديدة كعلاج لكثير من الأمراض المستعصية.

قدرات حليب الإبل على الشفاء

 

  • القدرة على شفاء جميع انواع الحساسية ومشاكل الامعاء:
    تساهم الأجسام المضادة وخصائص المناعة الموجودة في حليب الإبل في قدرته المدهشة على محاربة الفايروسات والبكتيريا. فقد سجل هذا الحليب في دراسة اجريت على الأطفال المصابين في حساسيات الطعام نتائج إيجابية جدا أدت الى شفائهم الكلي من الحساسية. ويعود السبب في ذلك لغياب بروتين ” بيتا لاكتوغلوبلين” في تركيبته (وهو بروتين موجود في حليب الأبقار والمواشي الاخرى) ولنفس السبب فان حليب الناقة لا يؤدي الى اي ردات فعل تحسسية لاطفال التوحد وللأطفال شديدي الحساسية لبروتين “كازين” Casein (وهو بروتين موجود في الألبان يستعمل في الأطعمة المصنعة والأصباغ والأصماغ وفي ومواد صناعية أخرى).
  • حليب الإبل يسيطر على مرض السكري

 في دراسة اجرتها الدكتورة أمل بكر شوري في قسم علم الأحياء التابع لكلية العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز، تؤكد بان لحليب الإبل القدرة على خفض نسبة سكر الجلوكوز في الدم وبالتالي الحد من الحاجة للإنسولين كذلك الحد من مضاعفات المرض مثل ارتفاع الكوليسترول وامراض الكلية والكبد وعملية الأكسدة وبطء شفاء الجروح. كما أكدت بان تناول حليب الإبل يوميا هو علاج آمن ومؤثر للسيطرة على المؤشر الجلايسيمي اذ يعمل على خفض كمية الأنسولين المطلوبة لعلاج حالات السكري من نوع 1، اضافة الى ان تناوله المستمر يعمل على الوقاية من الإصابة بمرض السكري بشكل عام.
وفي رأيي، صحيح ان حليب الإبل يعمل على خفض نسبة السكر في الدم، الا ان تأثير الحليب سيكون أكثر فعالية في علاج المرض عند اتباع نظام غذائي منخفظ النشويات والكربوهيدرات، وخالي من الجلوتين، وجميع منتجات الألبان عدا حليب الإبل، لان دراسة اخرى وجدت بان مادة الجلوتين مسؤولة عن رفع نسبة السكر في الدم.

الأجسام المضادة الموجودة في حليب الإبل تتفوق في خصائصها المعالجة للفيروسات والبكتيريا
قال الدكتور “روفين ياغلي” Reuven Yagli في دراسته عن أمراض المناعة “من النادر ان تظهر الأجسام المضادة التقليدية نشاطا في تحييد المستضدات (الالتهابات او اي مادة غريبة في الجسم) في الدم، بينما تظهر الأجسام المضادة في حليب الإبل نشاطا كاملا ضد هذه المستضدات (مثل سموم مرض الكزاز) لتمكنها من التغلغل داخل بنية الإنزيمات نفسها”. كذلك يمكن للحليب بسبب احتوائه على هذه الأجسام المضادة القدرة على معالجة الفيروسات بتحطيم انزيماتها الفعالة. كما أظهرت الدراسات بان لمضادات حليب الإبل فعالية عالية في علاج التهاب الكبد الوبائي من نوع C، وبكتيريا ” اي كولاي” E- coli، والسالمونيلا، كما ان لهذه المضادات القدرة على مكافحة السرطانات وخاصة سرطان الثدي.

  • علاج مرض التوحد  2552148400_d12503fc05

 لايتكسر  بروتين “كازين” Casein الموجود في حليب الناقة عندما يدخل المعدة نتيجة لكبر حجم جزيئاته وبالتالي لاينتج عنه بروتين ” كازومورفين” Casomorphins الموجود في حليب الأبقار وباقي انواع الحليب الأخرى، والذي يعد السبب الرئيسي وراء ظهور أعراض مرض التوحد والإصابة به. يقول الدكتور ” ياغلي” خبير الجمال والرائد في وصف حليب الإبل كعلاج لأمراض التوحد، يقول: ” مرض التوحد ليس مشكلة في الدماغ وإنما هو مرض من أمراض ضعف المناعة الذاتية وترتبط بشكل رئيسي بالأمعاء” بينما يؤكد “آيال لايفشتز” Eyal Lifshitz مدير مركز لبحوث حليب الإبل : “عندما تعالج الالتهاب بحليب الإبل يمكن ملاحظة تطورات فورية على مصابي التوحد” ويؤكد على انه من السهل ملاحظة هذه النتائج على الأطفال المصابين بدرجات معتدلة من مرض التوحد مثل حالة فرط الحركة ADHD و “آسبرجر” Asperger عند تناولهم حليب الإبل، ومعالجة الالتهابات لديهم لانها السبب الحقيقي وراء الإصابة بالمرض.

والدليل القاطع اليوم ان هناك الكثير من الآباء والامهات الذين يسجلون تطورات في مهارات ابنائهم المصابين، من حيث تحسن النوم، والقدرة على التواصل بالعيون، تحسن اداء اللغة، والوعي المكاني، وانخفاض في مشاكل الجهاز الهضمي. في حين أكدت دراسة حديثة، قدمها الدكتور “دان روسيغنول” Dr. Dan Rossignol تتعلق بنقص حمض الفوليك الدماغي “سيربرل فولك” Cerebral Folic في الأطفال المصابين بالتوحد. وتشير الى ان نسبة الإصابة بهذا النقص قد تصل الى 62 من عدد الأطفال. وتعمل الأجسام المضادة الموجودة في حليب الإبل والألبان الاخرى على إيقاف ومنع مستقبلات هذاالحمض . لذلك ينصح الدكتور “دان” بإجراء فحص يسمى “أف آر أي” FRA للأجسام المضادة للمصابين بالتوحد قبل اعطائهم اي نوع من الحليب ومشتقات الألبان.

أهمية عملية البسترة:
بينما ينصح البعض بتناول حليب الإبل النيء وغير المعرض للحرارة، للاعتقاد بأن تعريضه للحرارة قد يفسد خواصه البيولوجية التي تلعب دورا هاما في خواصه العلاجية حسب الدكتور ” ياغيل” والدكتور ” غونين”. تؤكد “رينيت ويرني” Renate Werney في مركز البحوث البيطرية في دبي والمسؤولة عن بحوث منتجات “كاميليشس” لحليب الإبل، بان عملية البسترة ضرورية للحليب لأسباب تتعلق بالسلامة، وأنها لا تؤثر باي شكل من الأشكال على قيمة الحليب الغذائية، لان العنصر الأكثر حساسية للحرارة في مكونات حليب الإبل هو فيتامين C، وهذا الفيتامين لا يفقد اكثر من نسبة7 من قيمته الغذائية فقط وهي نسبة تعتبر عديمة الأهمية.

You may also like