الكآبة خلل عضوي وليس نفسي

by Sana Al Hadethee

ذكرت “كيلي بروگان” Kelly Brogan الطبيبة النفسية المتخصصة بصحة المرأة في دراستها عن أسباب الكآبة بان العالم الحديث يعيش مأساة صامتة يشهدها عالم الصحة الان ولا احد يتحدث عنها. لان الكثير من الدراسات التي تنشر عن الكآبة جميعها تنصب في انها عبارة عن خلل في كيمياء الدماغ وتعالج غالبا بالعقاقير الطبية الكيميائية. وهذه كارثة حقيقية. 

لقد حان الوقت، حتى الى الرواد في مجال الصحة النفسية بالعالم ان يتخلو عن هذه الأكذوبة وتداعياتها التي تجر مجتمعاتنا الى الهاوية. لان الجسم البشري يتفاعل مع بيئته بذكاء عميق ومعقد و جميع الأعراض المرضية التي تطرأ على أجسامنا هي رد فعل لسبب معين. فعندما يعاني الجسم من أعراض الكآبة فانه يحاول القول بان هناك عدم تطابق بايولوجي مع اُسلوب الحياة. بمعنى اننا نتناول الأطعمة الخالية من اي قيمة غذائية او اننا نكتم الكثير من الضغوط النفسية، ونفتقر الى الحركة والنشاط الرياضي، نحرم أنفسنا من التعرض الى أشعة الشمس الطبيعية. نعرض أنفسنا الى المواد السامة في البيئة. ونتعاطى الكثير من العقاقير الطبية.
“الالتهاب” فتكون الكآبة أحد أدوات اللغة التي تتحدث بها أجسامنا لتعبر عن وجود عدم توازن مَّا وتدعونا الى التغيير. ونحن غالبا ما نقوم بقمع هذه الأعراض وتغليفها مؤقتا بالعقاقير الطبية وهذا معناه تماما كما نفعل عند إغلاق صفارة الانذار في حالة وجود الحريق بدلا من إخماده.
راجع موضوع (توازن القوى في الجهاز الهضمي)الان دعونا نبين الحقائق كما هي:

1- الإكتئاب هو غالبا التهاب عضوي:
هو ظاهرة تعبر عن اختلال عضوي في الجسم بعيدا عن الدماغ وليس لها علاقة بالخلل الكيميائي في الدماغ. المطبوعات الطبية غالبا ما شددت لأكثر من 20 عاما مضت على حقيقة ان الكآبة عبارة عن خلل في كيمياء الدماغ وأنها مرض عقلي مع انه لا توجد ولا دراسة طبية واحدة تثبت ذلك.

2- مضادات الكآبة لها القابلية على تعطيل قابلية الجسم على الشفاءالطبيعي:
اثبتت الدراسات الطبية بان مضادات الكآبة تعمل على تفاقم سوء الصحة العقلية ناهيك عن تلف الكبد، زيادة الوزن، ضعف القدرة الجنسية، وأخيرا تقليل القدرة الإدراكية. والحقيقة الأكثر مرارة من هذا كله بان التخلص من الأمان على عقاقير الكآبة هو أصعب من التخلص من إدمان الكحول او المخدرات.

3- التأثير هو ليس العلاج:
حتى لو افترضنا بأن حبوب الكآبة قد تساعد البعض ( علما ان 82 بالمئة منها تأثيره وهمي “بلاسيبو” placebo حسب الدكتور “ايرفنغ كيرزش” Dr. Irving Kirsch” ) واستقراء حقيقة طبية من هذا تماما كأننا نقول بان سبب الإصابة بالصداع هو بسبب قلة تناول حبوب الأسبرين. فماذا عن السؤال الذي يطرح نفسه عن ضعف الجينات الوراثية وإمكانية ان الكآبة مرض وراثي؟ نشرت دراسة علمية في عام 2003 دراسة تقضي بأن الأشخاص الذين يظهرون تقلبا في مستويات ناقلات هورمون السيروتونين وراثيا هم 3 مرات اكثر عرضة من غيرهم للكآبة. ولكن دراسة اخرى نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية بعد 6 سنوات تنفي صحة الدراسة الأولى فأسدل الستار على الفكرة برمتها.

4- اغلب الوصفات الطبية لأدوية الكآبة تصرف من طبيب العائلة العام وليس من الطبيب النفسي المختص:
shutterstock_144547916

نشر بحثا عاما من قبل قسم الصحة النفسية من جامعة “جونز هوبكنز” John Hopkins الأمريكية يدعو الى أن اغلب المرضى الذين يتعاطون مضادات الكآبة لا يقعون ضمن خانة المرضى المشخصين بحالة الكابة المرضية وإنما يعانون من اضطراب الوسواس القهري، OCD ، الهلع الاضطرابي panic disorder، الرهاب الاجتماعي social phobia، و القلق anxiety وهي حالات لا تعالجها هذه العقاقير.

5- المدعون الكبار:
العديد من الحالات المرضية (الجسدية) تؤدي الى أعراض نفسية ” ولكنها في الحقيقة ليست “نفسية”. فمثلا نحن نعتقد بان علينا علاج الدماغ ولكن في الحقيقة انه علينا نلقي نظرة على النظام الإيكولوجي للجسم Body’s Ecosystem وهي تتركز بالآتي: الصحة المعوية، التفاعلات الهرمونية، الجهاز المناعي وأمراض ضعف المناعة الذاتية، توازن السكر في الدم، والتعرض للمواد السمية.

6- التدخل المحدود مع الأعراض المرضية يساعد الجسم على آلية الشفاء الذاتي لعلاج الكآبة طبيعيا:
اجراء بعض التعديلات في النظام الغذائي مثل ( الإكثار من تناول الزيوت الصحية، وتخفيض تناول المواد السكرية والألبان، والجلوتين)؛ تناول بعض الملحقات الغذائية والفيتامينات مثل فيتامين B المركب والبكتيريا الصحية “بروبيوتيك” Probiotics التي ليست بحاجة لوصفة طبية والتي يمكن الحصول عليها من خلال الأطعمة الصحية والتقليل من تناول الأطعمة المصنعة والمضافات الصناعية والكيميائية بما فيها مادة الفلورايد في مياه الحنفيات، ومواد أقراص الأدوية ومسكنات الألم، وحتى المواد المعطرة المُضافة الى مساحيق التجميل.
كما ان النوم لساعات كافية وبعمق، وزيادة الحركة والنشاط، وتحسين اُسلوب الحياة كلها عوامل تساعد على زيادة الاسترخاء وتقليل الشعور بالكآبة.

7- الإكتئاب هو فرصة:
الشعور بالإكتئاب هو إشارة لنا بأخذ وقفة للنظر في سبب الخلل الذي يتعرض له الجسم بدلا من قمع الأعراض وتغطيتها بالعقاقير. انها جرس او ايعازة من الجسم بالنظر الى طرق اخرى من خلال العادات اليومية والتغيير الجذري لأسلوب الحياة والانفتاح على تجربة حياتية صحية جديدة. (راجع برنامج الصيام للتشافي وتطهير الامعاء)

من منشورات “كيلي بروگان” كتاب A mind of your own>

You may also like