قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرين]
قال ابو الفتح البسي في نونيته المشهورة:
انهض الى الروح واستكمل فضائلها *** فأنت بالروح لا بالجسم انسان
خلق الله سبحانه وتعالى ألانسان مؤلفا من ثلاثة عناصر، هي: العقل والبدن والروح.
وأشرف هذه العناصر الثلاثة وأسماها مرتبه هي الروح التي هي نفخة غيبية من عند الله [ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً].
وقد رتب الله على هذه العناصر الثلاثة عناصر الدين فجعل الإسلام لمصلحة البدن، والإيمان لمصلحة العقل، و الإحسان لمصلحة الروح، وجعل التكامل بين هذه العناصر والتوازن بينها مطلوبا، فلا بد من العناية بها جميعاً والسير بها في خط متواز، حتى لا يحصل ميل أو اعوجاج في هذه النفس البشرية.. وهناك الكثير من الآيات القرانية والاحاديث النبوية التي تشير الى أمراض القلوب وصمها وعماها وشفاؤها، وعن السلامة والسقم، وعن النفس البشرية
على كل مسلم أن يدرك أهمية التكامل بين الروح والجسد عن طريق التطهير الروحي الذي لا يكتمل الا بالتطهير الجسدي لعلاج المشاكل النفسية والعصبية. الصلاة والتأمل والصيام وفق الشريعة او
الصيام الجزئي كلها ركائز أساسية لتزكية وتطهير النفس البشرية حيث لايكتمل الا بتطهير الجسد من الداخل وبالتالي تطهير العقل.
وبما اننا مقبلون على شهر رمضان ألكريم ، ادعوكم لوقفة جادة ومتعمقة للتفكر بمعنى الصيام أصلا والهدف منه ولان فريضة الصيام لا تتوقف عند الانقطاع عن الطعام والشراب من ساعة الامساك لحين الإفطار وحسب وإنما من الضروري أن ندرك بأن طريق الوصول الى الله هو الطاعة وطهارة النفس. من المحال ان تكتمل
طهارة النفس دون طهارة الجسد، ولا أعني هنا الاهتمام بنظافة الجسم الخارجية. أقصد نظافة وطهارة الأمعاء لان نظافتها هي نظافة العقل وسلامته في المقام الأول.
“جسم الإنسان هو وسيلته لتحقيق احتياجاته، فإذا ضعف الجسم ومرض، تخلف المرء في تحقيق ما يريد، فيعجز عن التعلم والعطاء والسعي لنفع نفسه ونفع أمته”
ونستطيع أن نلمس حقيقة حضارية هامّة، وهي أنّ اهتمام الاسلام بفقه الاغذية لايقل عن اهتمامه بفقه العبادة والتنظيم الاجتماعي، ونجد ذلك واضحاً فيما ورد من روايات وأحكام.
وهناك عشرات التوصيات تتناول الفواكه والخضراوات وأنواع اللحوم والبقول، داعية إلى الاهتمام بتغذية البدن والحفاظ على التوازن الغذائي والبنية البدنية
ومن الممارسات الخطرة على صحّة الجسم هو الاسراف في الطعام والشراب… الخ، فكثير من الامراض الجسدية سببها الشراهة والانسياق وراء الشهوة، والاسراف في تناول الاطعمة والاشربة، لذلك نهى القرآن عن الاسراف في الطعام والشراب وغيره، فقال تعالى: (كلوا واشربوا ولا تُسرِفوا).
وورد عن الرسول الكريم:
(ما ملا ابن آدم وعاء شرّاً من بطنه). 
كما ورد عنه (صلى الله عليه وسلم) عن ابن خلدة :(المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء).
وبهذه التشريعات الصحّية وتوعية الانسان عن أضرار الاسراف ونهيه عنه وضع الاسلام أبرز الوصايا للحفاظ على الصحّة، وهي وصايا الوقاية من المرض، عملاً بالحكمة المشهورة:
(الوقاية خيرٌ من العلاج).
خطوات لصيام نظيف
لاستقبال الشهر الكريم والاستعداد للصيام انصح بالتحضير قبل أسبوع على الأقل لبدء الشهر المبارك للبدء بعملية تخليص الجسم من السموم المتراكمة، راجع (برنامج التغذية المتكامل للتشافي). فوجود السموم في الامعاء (عقل الانسان الثاني) وفي الجسم يؤدي الى ضبابية التفكير وتوارد المشاعر السلبية وتولّد الافكار والقرارات السيئة ما ينعكس مباشرة على نقاء القلب والروح.
- يفضل تقليل تناول المواء الإدمانية كالقهوة والشاي والسجائر لتخفيف صدمة الجسم عند قطعها مرة واحدة واستبدالها بشاي الأعشاب لان يساعد على تنقية وتطهير الجسم من السموم المتراكمة.
- الحد من تناول السكريات لتجنب أنخفاض مستويات سكر الدم التي تسبب ما يسمى بأعراض الانسحاب وهي القلق والعصبية والارتجاف والتعرق.
- لا تنسو ان جزء من اهداف فريضة الصيام هو تطهير الروح، ومن المستحيل ان تصل الى مرحلة التطهر الروحي الخالص وجسمك عبارة عن خزان للسموم والنفايات الغذائية. ويجب ان يكون الامتناع عن تناول جميع المواد الكيميائية المُضافة للاطعمة والابتعاد عن الأطعمة الجاهزة والسكريات غير الطبيعية والأطعمة المعالجة صناعيا من اساسيات الصيام لانها تضر بصحة البدن وتؤدي الى تراكم السموم والقاذورات فيه.
- الحد من تناول اللحوم التي لم تتغذى على الحشائش وفي الحقول ومنتجات الألبان عدا حليب الإبل، خاصة غير العضوية منها، لانها تحتوي على الهورمونات والمضادات الحيوية و الإكثار منها يؤدي الى انسدادت الامعاء وتعسير عملية الهضم اضافة الى تلوث الجسم من جراء الهورمونات والمضادات الحيوية فيها.
القيام بتمارين خفيفة ضروري جدا عند الصيام
- الإكثار من الاغذية الكاملة مثل الفواكه والخضراوات النيئة والمطبوخة على حد سواء لانها تساعد على تسهيل عملية الهضم وتنظيف الأمعاء كما تحث على تخليص الجسم من السموم وتزوده بالفيتامينات والمعادن الضرورية لسلامته.
- عدم استعمال زيوت الطبخ النباتية التي تباع في السوبرماركت، واستبدالها بالزبدة اذا كانت من مصدر عضوي او زيت الزيتون وزيت جوز الهند العضوي والمعصور على البارد.
- تجنب تناول العصائر الجاهزة، لانها خالية من اي قيمة غذائية وتحتوي على كميات سكر عالية جدا، وشرب ليتر ونصف الى ليترين يوميا من المياه النقية بعد الإفطار.
- القيام بتمارين خفيفة جدا حتى وان تقتصر على حركات مط الجسم فقط للكبار بالسن او المشي لمسافات معقولة ضروري جدا للصيام لانه يحث على عمل الأوعية الدموية وتنشيط الجهاز اللمفاوي في طرد السموم من الجسم وبالتالي تطهيره وتطهير العقل والروح.
- الابتعاد عن التخمة والشراهة في تناول الأطعمة غير الصحية مثل الأطعمة المقلية والمعجنات بعد الإفطار لانها ستعيدك الى نقطة الصفر من حيث تطهير الجسم ونقاء الروح وتذكر بان الهدف من هذا الشهر هو ليس التخمة والترف وإنما الإحساس بالفقير والتأمل بالخالق.
- عدم الاسراف في السهر الا في حال قيام الليل والتعبد. والنوم مبكرا ضروري للاستشفاء وإصلاح خلاياالجسم وتقويته للاستمرار ومقاومة الأمراض والصفاء النفسي والذهني.
أخيرا. . صياما مقبولا لجميع المسلمين إن شاء الله.
